ألم الكتابة وشهوة القراءة
وقفت المرأة العربية أمام القاضي تشتكي زوجها وتطلب حضانة ابنها وقالت جملة تلخص جانب من الحياة "وضعه في لذة، ووضعته في ألم"........
هكذا الكاتب يضع فكره في ألم، ويتلذذ القارئ بما كتب ويضطلع ويفحص ويحلل ويأول أفكار الكاتب وربما يحسب الكاتب على حزب ليس الكاتب منه في شيء!
الكتابة والتمرد أم التمرد والكتابة؟!
القراءة للمحفوظ دعوة مقدسة للكتابة والتمرد، فالنجيب لا يكتب قصصًا تزين مزبلة التاريخ بل راوية عن المجتمع للمجتمع، ولا يكتب للتسلية! لذا حبذت السلطة رواية قصصه أن تعطي رأيها في تمرد الكاتب، فبثت السلطة سمها صورًا سينمائية لدرجة أن فيلم "أميرة حبي أنا" يكتب عليه عن قصة "ميرامار" لنجيب محفوظ!
محفوظ يمثل ثنائية العصر الجديد "الحرف أم الصورة"... "حرية التأويل أم قولبته"، صراع أبدي في صور جديدة، ولعل فيلم "القاهرة 30" مثال حي على قولبة السلطة لرأي الكاتب بما لا يسمح باعتراضه! قرنان وثائر على المحتل وقصة حب بائسة، هكذا لم ير صلاح أبوسيف في رواية "نجيب محفوظ" "القاهرة الجديدة" غير هذا التسطيح!
الأنانية كنز لا يفنى
فشل الجميع
عندما تقرأ الرواية تجد "قرنان- أناني/ اشتراكي- ملحد/ إسلامي- مجدد/ صحفي- محايد/ فتاة طحنها الجميع"... لا تندهش فالرواية عام 1945 تصف واقع 2016 وربما المستقبل لقرن قادم!
بطل الرواية الحقيقي "محجوب عبد الدايم" القرنان- الأناني غير المرئي، الذي اشمأز منه الجميع وتركوه في حظيرة الخنازير إلى أن ارتفع بأدرانها غير عابئ بما يتصف به، ساحقًا كل الأعراف والمثل، ساحقًا أباه...
فجأة اكتشف أصدقاؤه حقارته وتعجبوا كيف وصل "عبد الدايم" لهذا الانحطاط، تعجبوا كأنهم لم يساهموا في تفاقم المشكلة بمبادئهم العاجية الغبية... لم يكتف نجيب محفوظ بالرواية عن الواقع في عمره الأدبي بل تنبأ من خلاله بالمستقبل رأى فشل الجميع في معالجة مشكلة الفئات المطحونة ليست الجاهلة فحسب بل المتعلمة أيضًا، فالمتعلم عندنا لا يزيده التعليم حظًا بل يكلله بالعار والفاقة!
الأحلام الأخيرة
لذلك سيخلد محفوظ، ستخلد كتاباته لأنه رأى المستقبل في واقعه، وهل الحياة غير بناء متكامل الأركان بماض وحاضر ومستقبل يمزج بينهم الإخلاص؟!
الأحلام الأخيرة... لا هي تنبؤات محفوظ الأخيرة، رؤيته للمستقبل، رؤية رجل كاد أن يكمل قرنًا من الزمان... لهذا تجد اليقين في مثاليته لأن المثالية حلم والتأكيد يلازم القهر فيها لأنه واقع!
سلام عليك أيها الكاتب الجالس القرفصاء
تعليقات
إرسال تعليق
انقدنى ولا تبالى!