مجتمع
الزومبي
لأختم هذه المرحلة؛ مرحلة
الهيام بقصص الحركة والخيال العلمي بسلسلة "هاري بوتر" الملحمية محبوكة
الصياغة والتي لا تختلف إلا بشكل نسبي في ترتيب الأحداث والقوالب القصصية عن
"ملك الخواتم" وإلخ إلخ وصولًا إلى ألف ليلة وليلة!
سلسلة هاري بوتر، أحدثت ضجة في عالم الأدب خاصة أدب الطفل والمراهقين |
كانت مرحلة عظيمة فعلًا، فيها
لذة عجيبة لعملية القراءة "لذة المسارقة"! عظمة على عظمة يا ابني؛ لما
يكون يومك كله يبدأ من عند بياع الجرائد بجوار المدرسة لتحصل على الأعداد الجديدة
أو تفتش عن الأعداد القديمة التي لم تقرأها بعد، ولأني ذاكرتي منذ القدم
"مشيعة" اختلط الأمر على في أحيان شبه كثيرة فأحضر أعداد سبق أن قرأتها…
لأجد عقلي الجبار يبحث عن حل لأصرف هذه الأعداد المكررة، فأبيعها بنصف أو أعيرها
بربع جنيه أو أستبدلها بأخرى لم تكن عندي! كان نفسي أي صديق في فصلي يقول لي (لا
يا أخي احنا أصحاب أو يحمرأوا ويقولوا لي أنت عبيط) ولم يحصل أي من هذا الحمد لله…
وينتهي يومك المدرسي عند بياع الجرائد أيضًا، لتذهب إلى البيت سريعًا متشوقًا
لقراءة ما أحضرت، فـــ (تتلزق) في الحمام لمدة ثلث أو نصف ساعة فيحين وقت الغذاء
لتذهب إلى النوم والحقيقة أن المخدة وما تحتها عامر بفضل الله! يحين وقت المذاكرة والدروس
فتخلص كله بعزيمة لا تلين من أجل عضلات "أدهم صبري" وسخرية "رفعت
إسماعيل"، وتمسك بكتاب المدرسة أو المذكرة وبقلبها حبايبك، ولما تركز قوي في
القصة وتندمج أبوك (يفقشك)… أظن الباقي معروف!
- حنين لا ينتهي أليس كذلك؟
- إيه، ماذا تقول؟
- أنا أشبهك!
- أنا عارف إنك هتقول كدة! بذمتك الكلام أعلاه، قرأته كم مرة؟ اعترف… عشرات
المرات، وفي كل مرة تقول يا سلام "الواد ده يشبهني" إنت مبسوط… أنا بقي
مش مبسوط!
كل ما سبق يقودني لسؤال لا
يراوح ذهني منذ فترة ليست قصيرة "هل نحن في مجتمع يحترم قيمة الحرية
والاختلاف؟!"…
أعمال المؤسسة العربية الحديثة للنشر |
مرت تجربة "المؤسسة
العربية الحديثة" بلا أي أياد بيضاء على المستقبل، نعم في حينها حركت الراكد
وأوجدت أدب المراهقين. لكنه في حينها أيضًا لم تسترع انتباهًا لدور النشر الأخرى للبحث
عن كتاب يقدمون مادة مختلفة غير الرائجة، والآن بلغ العته بالبعض أن يكرر التجربة
بنفس قوالبها القصصية وما المانع طالما الكاتب هو الذي يتحمل كلفة النشر والدار هي
التي توزع، فلننشر!
محاورة بين الكاتب الإبن "خنسو-حتب" والكاتب الأب "آني" فيما يعرف بتعاليم (الحكيم آني) |
ما هذا الاحتفاء بأنني أشبهك؟
هذه جريمة كبرى ترتكب في حق كل جيل جديد، فمعظم الآباء يفضلون لأبناءهم نفس الوظيفة
والحياة كأننا ننقل جيناتنا لآلات لا بشرًا سمتهم الأساسي المرونة! أي مجتمع حيوي
يوفر لأفراده اختيارات وبدائل لحياة أفضل، لكننا هنا مجتمع الكتاب الواحد والرواية
المحكية الواحدة والموضة والأكل والوظيفة الواحدة والبيت الواحد!
النمطية والبيروقراطية متجذرة
فينا منذ آلاف السنين، أنت هنا تتكلم عن حضارة لم تحافظ على نفسها إلا بالمركزية والسلطوية
المتوغلة حتى قلوب البشر! انظر نصائح وحكم المصري القديم حثت دائمًا على التحلق
حول الدولة ونظام الدولة، فالملك ينصح ابنه بالرياضة وركوب الخيل والقوس والنشاب،
والكاتب يحدث ابنه عن المزايا التي سيتحصل عليها إن أصبح كاتبًا لا جنديًا تنتهك
كرامته… لكن هذا مصري قديم، لا يليق بمصري حديث مقبل على قرن يُقبل به الأحياء فقط
لا الزومبي!
هل نريد أن نحيا، وتنبض
عروقنا من جديد؟ فلنؤمن بالحرية والاختلاف…
وحشتني مدونتك يا شقيق التجوين
ردحذف