التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل يجوز؟!

   هل يجوز أثناء انشغال الوطن بمواجهة مصيرية، أن يمارس البعض الغرائز الأساسية الشراب.. الطعام.. الجنس؟ أم يجب أن يقتصر الأمر على الفعل المناقض للحياة وهو الموت؟!

   نجيب محفوظ رصد لنا الأمر في روايته "الحب تحت المطر"، وبالتأكيد لم يكن هو
الكاتب الوحيد الذي عبر عن التناقض بين الحياة والموت. لكن يظل الأمر تجربة فريدة، ربما لأنها نشرت عام 1973... أو لأن الرقابة لم تترك الرواية في حالها فعدلت عليها، أو لأن نجيب رصد حربين؛ حرب داخلية على مستوى الأخلاق وحرب قتالية مع الأعداء التاريخيين، أو لأنه تسائل سؤال المفجوع في ضمير مجتمعه "أنى لكم الانتصار وأنتم تحملون كل هذا الكم من الخطايا... فكل خطيئة تناقض وتترصد كل لحظاتنا المتوهجة بانتصارتنا المؤقتة".

    عالم نجيب محفوظ مليء بغير الأسوياء، الجنون سمة لأبطاله... فينتصر أحيانًا لم ينهزم له المجتمع، وينهزم أمام ما ينتصر له المجتمع! ولأنهم مجانين فأنا لا أعتبر أي رواية من رواياته تعبر عن المجتمع بأكمله، بل تعبر فقط وحصريًا عن مبادئ كونية شمولية... لا يعبر عن الجزء إنما يعبر عن الكل بشذوذه وتناقضاته فحسب، ولا أدري كيف؟!

     من بدايات الرواية للمنتصف، توقعت دائمًا أن هناك مشاهد حرب قادمة... حرب على الأرض وحرب على الأَسِرَّةٌ! وفشل توقعي، دائمًا يفشل مع نجيب محفوظ... لأنه يكتب عن ذلك الإنسان النادر لا الإنسان الشعبي المبرمج... لكنه لم يكف مطلقًا عن المزواجة بين حرب الجبهة وممارسة الانهزام الأخلاقي المطلق في الداخل، بل أنني توقعت أيضًا أنه سينهي بمشهد متفائل بناء على انتصارنا المزعوم على عدونا التاريخي، وفشل توقعي أيضًا! فأنهى روايته بمشهد مكثف للغاية حيث أوقع أحد أبطاله الإقطاعيين الفرحين للهزيمة المدوية في موقف مواجهة وانكشاف... فإما أن يعلن فساده أو يتوارى خلف كل مبادئه الزائفة أو كما قال على لسان بطله "محض أوهام، تاريخ ميت، الميت لا يبعث"! وفي ذات الوقت الجبهة تعلن السلام والوئام من أجل المستقبل المجهول..... 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتبقي هذه الرؤية خاصة بي وكل تصوراتي المحبطة وتساؤلي الأبدي، هل يجوز؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملاحيظ جمع ملحوظة

الغريب إن كلمة أحا ، تجيبها يمين تجيبها شمال هى أحا! مصر تعنى الحد بيين شيئين ، الآن الحق و الباطل ليس من ضمنهما! الآن يقف المعلمون فى طابور الصباح ، والطلبة فى سباتهم يحلمون ويحتلمون! حامل البضان الملكية ، ومن لايحملهم! أسخف من مذيع أو سياسى! نحن نستهلك كل شئ ، حتى أولادنا نستورد الفياجرا لإنجابهم!

والنبى إيه... بالذمة!

فى ناس قمامير كدة لوحدهم، يبقى الباحث المحترم اللى بره قعد يجرب فى نظريته -فى المتوسط كدة- بتاع عشر سنيين قوم ييجى واحد فذلوك عايز ينقد النظرية.. قوم ينقدها نظرى ولو طبقها لن تتاح له الامكانات ولا الظروف اللى الباحث الأجنبى ده تعب قلبه وضيع عمره فيها...... ياه الناس دى أساطير فعلًا بروح مهماهاتهم الطيبة عايزين يمحوا تعب عشر سنين فى حين إنهم لسه فى زمن paste و copy! بص يا سيدى بقى احنا هنا، اللى باباه سباك بيطلع سبالك... واللى باباه طبيب بيطلع طبيب... واللى باباه دكتور بيطلع دكتور... واللى باباه مستشار بيطلع مستشار.... واللى باباه ناشط سياسى... بيطلع ناشط سياسى..... هى دى بقى ياسيدى الطبقة المتوسطة العليا والطبقى العليا... طب بالله عليك.. بالله عليك عايزنا بعد الجمود ده نتغير بأمارة إيه طيب؟!

يا سنة سوخة يا ولاد

السيكوباتية وقيم العمل المُدمَرة هل تؤمن بنظرية المؤامرة؟ هل شعرت ذات مرة وأنت تشاهد التلفاز أنهم يبيعونك ويشترونك بأثمان بخسة؟! هل شعرت أن قيم مجتمعك بالية؟ هل شعرت بأنك في مرحلة ما من عمرك كنت كالإسفنجة تتشرب عادات مجتمعك ثم في مرحلة أخرى لم تجد إلا الوسخ هو الباقي؟! جاك جلينهال المبدع يتقمص دور تلك الإسفنجة التي لم يبق فيها إلا الوسخ في فيلم "الليل الزاحف (دود الأرض) "Nightcrawler أو كما ترجمته "ليلة سودة" وأعتقد أنها الأنسب! لنسرد سمات تلك الإسفنجة: لم يكمل تعليمه، سريع التعلم، يحب الاطلاع عبر الانترنت، خضع لعدة دورات تدريبية عبر الانترنت كذلك، منعزل كاره للبشر، وربما يقتل _ليس بيديه العاريتين_ في سبيل أن يفوز في سباق الحياة... كل ذلك كما تشربه من المجتمع! كان سارقًا لحديد البالوعات ونحاس الأسوجة، وبالصدفة وجد عملًا أكثر سهولة وهو بث الأخبار العاجلة وبالأحرى بث رماد الموتى عبر الأثير.... لم يتطلب منه الأمر إلا مقابلة بسيطة مع مصور حوادث ذو خبرة قاله له مبادئ العمل والباقي من الانترنت! لا يوجد مشكلة حتى الآن؛ لكن المخرج أو السيناريست لم يترك