استيقظ الملك رامبسينيتس فزعًا، محدثًا جلبة أيقظت كل من القصر. فجاء تابعه المخلص ووزيره اليقظ، على عجل وقال له: أى شيطان هذا الذى استطاع أن يفزع مولاى!
فقال له الملك: بل رؤية شؤم ستقوض ملك رامبسينيتس!
الوزير: أفرغ ولا تكتم يا مولاى، اقصص على رؤياك!
الملك: حلمت بأن جاء بعدى ملك، ومسح إسمى من على كل المعابد ودنس قبرى، فضللت طريقى إلى الحياة الأبدية!
الوزير: قهههههههههقهههه!
الملك: أتسخر منى أيتها الأفعى الرقطاء!
الوزير-يطأطأ رأسه- : بل تابعك الأمين سيأتى لك بحل عجيب!
وبعد قليل جاء الوزير بصحبة رجل طاعن فى السن.......
الملك: قلت ستأتى بحل، لا مومياء من قبر!
الوزير: أقدم لك يا مولاى المهندس مرنبتاح!
الملك: وماذا سأفعل بهذا البتاع!
مرنبتاح: هذا البتاع يا مولاى سيبنى لك الأهرام!
الملك -يعتدل فى جلسته- : ماذا قلت أهرام؟!
مرنبتاح: لقد حكى لى الوزير الأمر، فقلت له سأمجد اسم مليكنا على الدوام!
فوافق الملك وسخر موارد الدولة لبناء الأهرام المحصنة من السرقات ومن تدنيس الرعاع!
المهندس كان خبيثًا فصمم ثغرة فى البناء لا يعرفها إلا هو!
عندما أوشك على الموت، جمع ولديه وحدثهم بسره وقال لهم هذا الملك غدار يورث البلاد والعباد الفقر والبلاء!
إلى أن ذهب الملك مرة ذات صباح ليطمئن على ما كنز، فتلفت حوله وجد كل شئ بأمان حراس أقوياء نابهين، الباب عليه قفله.. الكون سعيد إذًا لم القلق!
أخذ يقلب فى كنزه.. لم يجد عقد جدته الأولى... أخذ يقلب فى كنزه... لم يجد عقد جدته الخامسة عشر.. أخذ يقلب فى كنزه..... أه ه ه ه يا بؤسى يا بؤسى!
نادى على الحراس، أمرهم بإحضار كبيرهم ووزيرهم والجلاد.. اجتمع بهم على الفور وقال هل يجرؤ لص فى دولتى على أن يسرق خزائنى؟! عليكم اللعنة أيها المتقاعسون!
أصبح الملك فى هزال شديد لا يأكل.. لا ينام، ففى كل ليلة الأمر يتكرر كأن السارق معه عصا موسى!
فأشار الوزير بنصب شرك داخل المكان!
وكان، فجاء الأخوان كالمعتاد فوقع أحدهم فى الشرك.. فسعى الآخر ليخلصه فلم يعرف، فقال له الأسير "لو جاء أحدهم صباحًا سيعرفوننا ويتتبعان عائلتنا، اقطع رأسى وخذها معك!"
ذهل الأخ ولم يكن هناك مفر، فقطع رأس الأخ ولاذ بالفرار!
حل الصباح.. جاء الملك بشوق، آملًا فى خدعته. فوجد جثة بلا رأس فكاد يغشى عليه لولا أن تذكر أنه وسط الرعاع وهو إله!
عرف الوزير بأن هناك لص طليق، فأمر بتعليق جثة اللص على الملأ ليحرق قلب زميله وعائلته!
فندم الأخ وبكى بكاءًا مريرًا إلا أنه تمالك ونهض وفكر فى خدعة جديدة! جمع الأوعية.. كل أوعية جلد الماعز لديه وملأها خمرًا وساقها على الحمير أمام الحراس النابهين، وثقب إثنين من الأوعية وصاح يا ويلى.. ياويلى سيعاقبنى سيدى، فساعده الحراس فشكرهما بأوعية من الخمر! فغاب الحراس عن الوعى، فأنقذ جثة أخيه!
كاد الملك أن يموت غيظًا، بل كاد أن يختنق الوزير بيديه، فصاح الوزير مختنقًا -بصوت محشرج- مو... لااا..ى أرجوك عندى الحل!
الملك: قل يا منحوس!
الوزير: كح كح لنزوج ابنتك من أذكى شخص فى المدينة!
الملك: أنت غبى! أهذا وقت حل مشكلة عنوسة الحمقاء؟!
الوزير: صبرًا! لنشترط شرطًا على كل من يتقدم أن يفصح عن أذكى شيء فعله!
الملك -مبتسمًا- : أيها الماكر!
فعلم الأخ، فأيقن الخدعة، فقرر أن يلقن الملك درسًا! ذهب إلى مقبرة وقطع ذراع جثة، وأوصلها بملابسه بحيث تبدو وكأنها ذراعه!
وذهب صباحًا إلى الحشد وأخذ دورًا وتقدم إلى الأميرة.. فطرحت عليه السؤال "ما أذكى شيء فعلته" أجاب الأخ اللص "أنا لص الأهرام"... عندما سمعت هذا نادت على الحراس أن أمسكوا هذا اللص الجبان، فمسكه الحراس أو الأحرى مسكوا ذراع الجثة، ولاذ الأخ للمرة الثالثة بالفرار!
هذه المرة لم يتحمل الملك وقع مغشيًا عليه، وحدث نفسه أن لا فائدة من الإنكار وأصدر بيان فحواه العفو عن اللص الذكى لو كشف فقط عن هويته بل والمزيد من الثراء والضياع!
فجاء الأخ ليقدم نفسه للملك وحكى له ما كان... فضحك الملك حتى تكشفت أسنانه وقال أنت ذكى.. أنت ثعبان! سأزوجك ابنتى، سأجعلك مستشارى بل وزيرى بدل هذا الوزير الخيبان!
________________________
ملحوظة1 القصة فرعونية بعنوان "اللص الذكى" ذكرها هيروديت! من كتاب الأساطير المصرية لصاحبه دون ناردو...
ملحوظة2 سردت القصة بكثير من التدخل اللغوى محتفظًا بسير الأحداث!
أنا من إمبارح بأسأل نفسي انت نشرت القصة دي ليه؟!
ردحذفعشان تسلينا؟ ولا عشان تقول إن الشعب المصري طول عمره فهلوي وذكي وإن كل اللي حكموا مصر كان عبط ومهابيل حتى إللي بنوا الاهرامات؟! :D