فاروق: هناك أعمق من هذه القصص بكثير من حولنا قام بها شخوص أقرب لنا من حبل الوريد! ثم من قال أنها حقيقية تمامًا؛ الخيال البشري دائمًا يسعى لإكمال النقص ومداراة العيب! وأيضًا قيس كان شاعرًا فخلد نفسه، كيلوباطرة كانت ملكة، أما روميو وجولييت اغتاظوا من قصص الحب العربية الملتهبة والعذرية ليس إلا! أنا لم أسمع عن بليدًا أحب ولا فقيرًا ذاع صيته بالحب، فهل سمعت؟!
أسماء: لماذا يختفي الحب أو يضيع بعد الزواج؟! لماذا يقولون إذا دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك؟!
فاروق: الحب لا يختفي بعد الزواج، فقط أكوام البامبرز تزكم الأنوف، ويدخل القلب في مرحلة جديدة من المسئولية والانتاج بعد الاستهلاك، وترحل النفس إلى مستويات من الشغف عن مستقبل صغاره بعد عَقْدُان من الزمان!
وقد لا يكون فقرًا ماديًا بل معنويًا؛ فتر الحب أو مات! وشعر كلاهما بامتلاك الأخر فتصبح العادة مقدمة على الحب، والملل مقدم على الشغف وفلذات الكبد مقدمة على حب القلب...
إذا دخل الفقر من الباب هرب الحب من الشباك؛ بالله أو لو كان فقرًا حقًا لما أصبح هناك شباك وباب!
أسماء: لماذا يقولون بأن الحب حاجة والجواز حاجة تانية؟! لماذا يتحول إحساس بسيط مهمته إسعاد الإنسان والارتقاء به إلى مصدر عذاب وشقاء له؟! لماذا نمنع الحب مع أن كل شيء حولنا ينطق به؟! كيف نلوم على من يحبون وهم في كل يوم يستمعون للأغاني ويشاهدون الأفلام التي تدعو إلى الحب؟!
فاروق: فعلاً الجواز حمادة والحب حمادة تاني خالص..... كما يقول ابن حزم "الحب أوله هزل وآخره جد" أو كما يقول فاروق بن جبريل "الحب استنطاع واستهلاك، والجواز انتاج"! الحب يخاف الأنظار والأحقاد، الزواج لا يتم إلا بالإعلان...
ابن حزم أيضًا أجاب عن المحب وشقائه ولنركز علي المحب القنوع والمحب الضنى؛
أما عن المحب القنوع فقال:
لما منعت القرب من سيدي ولج في هجري ولم ينصف
صرت بإبصاري أثوابه أو بعض ما قد مسه أكتفي
كذاك يعقوب نبي الهدى إذ شفه الحزن على يوسف
شم قميصاً جاء من عنده وكان مكفوفًا فمنه شفي.
والمحب الضنى، قال عنه:
يقول لي الطبيب بغير علم تداو فأنت يا هذا عليل
ودائي ليس يدريه سوائي ورب قادر ملك جليل
أأكتمه ويكشفه شهيق يلازمني وإطراق طويل
ووجه شاهدات الحزن فيه وجسم كالخيال ضن نحيل
وأثبت ما يكون الأمر يوماً بلا شك إذا صح الدليل
فقلت له أبن عني قليلاً فلا والله تعرف ما تقول
فقال أرى نحولاً زاد جداً وعلتك التي تشكو ذبول
فقلت له الذبول تعل منه ال جوارح وهي حمى تستحيل
وما أشكو لعمر الله حمى وإن الحر في جسمي قليل
فقال أرى التفاتاً وارتقاباً وأفكاراً وصمتاً لا يزول
ولعل هذا القول لصاحبنا يجيب السؤال "...... وهذا إنما يتولد عن إدمان الفكر، فإذا غلبت الفكرة وتمكن الخلط وترك التداوي خرج الأمر عن حد الحب إلى حد الوله والجنون، وإذا أغفل التداوي في الأول إلى المعاناة قوى جدًا ولم يوجد له دواء سوى الوصال".
ولماذا نمنع الحب؟ لأن الذي يمنع في يده سلطة ومن لا يدرك معنى السلطة فهو حقود حسود غير مسئول!
أما أخر سؤال ينشأ من تضارب التربية؛ فالأسرة تربي على شاكلة معينة والشارع يفرض شاكلة أخرى والدولة تسايرها والمجتمع يطبل لهم جميعًا!
وأختم أنا بسؤال "هل نحن أسوياء أساسًا لنتكلم عن الحب أو غيره؟!"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا حوارًا افتراضيًا أرد فيه على "أسئلة في فلك الحب" للعزيزة أسماء، وأرجو أن أكون أوفيت وأوجزت بغض النظر عن أن صاحبكم بابه مخلع!
تعليقات
إرسال تعليق
انقدنى ولا تبالى!