التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التوافق أو الموت!

  أي طالب مبتدئ في علم النفس يعرف جيدًا الفرق بين التوافق والتكيف؛ فالتكيف فسيولوجي والتوافق سيكولوجي.... ببساطة شديدة التوافق والتكيف يتمحوران حول قدرة الإنسان على التغيير والتحوير من ذاته كلما قابلته عقبة كؤود في حياته!


   التغيير والتحوير يتطلب تمكن الإنسان من قدراته وإمكاناته وقدرته على تذليل الصعاب أو التذلل لها! لا تستطيع وهذا وارد جدًا، إذن أنت مجنون... فلنفترض أن الحرباء قررت عدم التلون بالتأكيد سيقتنصها ما هو أكبر. الجنون اختيار إنسان تجاه معطيات حياتية لا يمكنه مجابهتها، عجز عن التذلل لها.

  والطالب المبتدئ في علم النفس يعرف أيضًا أن الناس كلها مجانين! نعم كلنا مجنون بدرجة ما... نعم كلنا عاجزون عن مواجهة أشياء في حياتنا، نعم كلنا عاجزون عن التذلل للحياة بدرجات متفاوتة!


  هذا ملخص فيلم جديد للممثل "تومي لي جونز" الذي كلما أراه أشعر بالحنان والفقد! "Homesman"  أو كما ترجمته "الرجل الوطن"*، الفيلم تدور أحداثه في الغرب الأمريكي ولأقل لك المكان ليس مهمًا على الإطلاق، فالمهم أن الحياة قاسية جدًا وقسوتها تذهب الألباب!



  امرأة واحدة فقط  "Hilary Swank" استطاعت مواجهة هذه القسوة، والقسوة بالنسبة لهذه السيدة ليس أنها تعمل في الحقل أو لأنها لا تجد مكان نظيف لتتبول فيه! القسوة التي تعانيها هذه السيدة البالغة من العمر واحد وثلاثين عامًا هي الوحدة، نعم فهي عانس وتتلهف بشدة على الزواج حتى ولو كان صرصارًا طالما أنه أنيس يمكن أن تنظر له....
لماذا يرفض الجميع الزواج من هذه السيدة؟ هي ذات جمال ومال، كرمها يسبق فضلها، تغري الرجال بمالها لا بجمالها.... الإجابة لم تنكشف بعد، لماذا؟!

  نعم لماذا رفضها الرجل الوحيد الأعزب في قريتها؟ هل لأنها أثبتت أنها ند له؟ هل لأنها جلست وحدها كثيرًا تزرع وتحصد حتى أصبحت كالرجال لدرجة أن الثلاث رجال الأخرين رفضوا نقل زوجاتهم المجنونات عبر طريق طويل وعر لكنيسة تعتني بهم، وهي وحدها التي خجلت من نفسها وأخذت قرار ينم عن رغبتها في تجربة أي شيء غير الشعور بالوحدة وقامت بنقلهم متجاوزة كل الأعراف بأن النساء لا يسافرن وحدهم في الطريق؟!

  هكذا الوحيدة الجريئة تعثر على رجل مشرد أوشك البائسون على شنقه! وأنقذته وأخذت العهد منه على الالتزام بالرفقة! ولأنها عانس وحيدة جدًا طلبت منه الزواج، لكنه عجوز جدًا عاجز جدًا عن أن يرد الجميل لأهله.... لذا يستيقظ صباحًا ليجدها شنقت نفسها،
اختارت الانتحار لا الجنون فهي لم ترد الاستغراق في عمليات تكيف وتوافق عبثية ثم تجد نفسها أمام استجابة وحيدة تجاه الحياة ألا وهي الجنون!

  في لحظة واحدة أدرك بؤسه ولولا إدراكه أنه ميت بالأساس وأن الحياة ستستمر ولن تبالي به أو بها لكان انتحر هو الأخر! لكن المؤلف أبقى عليه ليصبح رمزًا للمتفائلين الذين يستمرون في الحياة رغم كل شيء، فالمجنونات تشبثوا به كمخلص وهو تشبث بهم كرائحة عطرة من ذكرى حب لامرأة مثل حفيدته لو أنجب!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الترجمة قد لا تكون مرتبطة بالمصطلح الإنجليزي، فأنا أكره هذه اللغة!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملاحيظ جمع ملحوظة

الغريب إن كلمة أحا ، تجيبها يمين تجيبها شمال هى أحا! مصر تعنى الحد بيين شيئين ، الآن الحق و الباطل ليس من ضمنهما! الآن يقف المعلمون فى طابور الصباح ، والطلبة فى سباتهم يحلمون ويحتلمون! حامل البضان الملكية ، ومن لايحملهم! أسخف من مذيع أو سياسى! نحن نستهلك كل شئ ، حتى أولادنا نستورد الفياجرا لإنجابهم!

والنبى إيه... بالذمة!

فى ناس قمامير كدة لوحدهم، يبقى الباحث المحترم اللى بره قعد يجرب فى نظريته -فى المتوسط كدة- بتاع عشر سنيين قوم ييجى واحد فذلوك عايز ينقد النظرية.. قوم ينقدها نظرى ولو طبقها لن تتاح له الامكانات ولا الظروف اللى الباحث الأجنبى ده تعب قلبه وضيع عمره فيها...... ياه الناس دى أساطير فعلًا بروح مهماهاتهم الطيبة عايزين يمحوا تعب عشر سنين فى حين إنهم لسه فى زمن paste و copy! بص يا سيدى بقى احنا هنا، اللى باباه سباك بيطلع سبالك... واللى باباه طبيب بيطلع طبيب... واللى باباه دكتور بيطلع دكتور... واللى باباه مستشار بيطلع مستشار.... واللى باباه ناشط سياسى... بيطلع ناشط سياسى..... هى دى بقى ياسيدى الطبقة المتوسطة العليا والطبقى العليا... طب بالله عليك.. بالله عليك عايزنا بعد الجمود ده نتغير بأمارة إيه طيب؟!

ما يجب وما لا يجب فى إطار "الحتميات"

حتمًا يجب على أن أكون حسيس حتمًا أجد نفسى من أسبوعين مضوا، لا أعرف ماذا أكتب.. ولا حتى لم كتبت ما كتبته حتمًا أنا كررت نفسى أكثر من مرة حتمًا أنا بهبل دلوقتى حتمًا على أن أتوقف الآن حتمًا أنك تلعننى أيها القارئ المحتمل على أننى أضعت وقتك الذى لا يقدر بالألماس حتمًا يجب أن أتوقف؛ هل يجب على أن آخذ هدنة كما فعل البعض لأجمع شتات نفسى وأعرف ماذا أكتب؟!